قصائد

المقاله تحت باب  نصوص شعرية
في 
14/11/2014 06:00 AM
GMT



زيارة
 
كلّ صباحٍ
والنومُ يُثقلُ جفني،
يأتي إليّ هذا الطائرُ المبهمُ
ينقرُ على الزجاج، إذا كانتِ النوافذُ مغلقةً والستائرُ مسدلة،
ينقرُ واقفاً في الثلجِ
الذي يُغطّي باحةَ الدارِ، ويواري معه أيّامي.
يجيء إليّ عاتباً،
لا ليغنّي
بل ليتحدّث
عن الجبالِ التي قطعها
والمدن التي رآها
والناس الذينِ غنّى لهم
ليسكبَ ليَ الرائحة
واضعاً أمامي
شريطاً من تداعياتٍ قديمة.

هكذا
يَسرقُ منّي
هذا الطائرُ المبهمُ
بجناحيهِ
الهواء.


أحلام كوديا متناقضة مبهمة:

في حلمه الأول

أبصرتْهُ الآلهة الحكمةَ،

 فسرت له الكاهنة وداعة الحقول

 وكثرة الشموس. ملائكة تبارك الناس في المعابد،

 صباياً يسقين العشاق ماء الحياة.

عرف كوديا سر الأحلام فدعا الناس إلى العدل والبناء.

شُيدت المعابد، سُيرت الأنهار.

 في الحلم الثاني وقف كوديا عاجزا.

في حلمه الأول رأى الآلهة تتناغم

والناس تقرأ الناس فتنبعث فيهم المسرّة.

فسّرت له الكاهنة فقالت:

 تطلب الآلهة أن تبني الرعية المكتبات

وتشيد المعابد فتملاها بجرار النبيذ،

تشق الجداول فتنبعث الهناءة


وتتآخى الناس.

في الحلم الثاني

اضطرب كوديا عندما رأى الآلهة تتخاصم وتتقاتل

والملائكة تذوي أجنحتها فتسقط في القاع.

الناس غير الناس ممتلئون بالضغينة يمجدون الكراهية،

فقراء يسعون ليل نهار بأسمال بالية

وأعلام متهرئة نحو قباب ذهبية.

حرقوا المكتبات

وهدموا المعابد

مجدوا الكراهية

فجاءت الحروب

وطغى الفيضان.

قالت الكاهنة: الآلهة تصرخ؛

لا يجدي مع هؤلاء شيء،

لتستمر الحروب

ولتزحف الأوبئة إليهم

وليجرف الفيضان حقولهم وبيوتهم

فبكى كوديا وقال:

سوف لن أنام

وسأقاوم أي حلم جديد

لقد تهدمت المدينة

وعصف الموت في الناس


 مرثية لنا نحن الباقون والشمس تغرب

مرّةً أخرى يجيءُ الذئبُ المبهمُ
غارزاً أسنانهُ في القطيع،
لم تبق إلاّ بضعة شياهٍ
 مشتتة، ضائعة في البوادي،
تلعقُ حملانها الدم المر المسال،
تترنحُ القوائم، تُساق إلى المسلخ
والصيادون هناك يشحذون لها السكاكين.
إنها عتمةٌ إذاً؛ هو الليلُ دامس،
وما لا نراه غفلة ماكنةٌ يديرها المجهول.
عيوننا كليلةٌ وخلفها أشباحٌ تتراقصُ،
أطيافٌ مشوّهةٌ، كلابٌ مسعورة وعظايا
تهيءُ الوليمة الأخيرة
ثمّ ترصدُ وَهْنَ الجسدِ في الليل البهيم.
هو الليلُ إذاً، لا رجاءَ إلا لعتمةٍ تطول
نتوسل الوقتَ فلا ينصتُ لنا:
أيتها النجوم القميئةِ إلتمعي
فالليلُ اسود وبصرنا كليلٌ،
شبحٌ أو طيفٌ يتخيّلنا ويتبعنا
هو من الماضي أو في الحاضر يقفُ
يترصدُ ثمّ يعلن انه الحارس التوأمُ
فيأخذنا للرحيل سَويّةً
بعيداً عن رؤية الأشياء،
وعن الأوهام، وعن تراكم الذكريات.
يوعدنا: في الغد تطلعُ شمسٌ معتمة؛
لا نهارٌ ولا ليلٌ،
لنترسب في الأبدية
الآتية.